العلاقة بين الثقافة والترفيه

يمكن القول بأن ثقافة الفرد هي ما يتحصل عليه من معلومات ويتوصل إليه من معرفة، حيث إن الثقافة مسألة تراكمية تشكلها المعلومات والاطلاعات المختلفة، وتؤدي هذه الحصيلة التراكمية إلى تشكيل التوجهات والقناعات وتحديد الأولويات واختيار الصداقات واتخاذ القرارات والمواقف، فالثقافة عنصر أساسي في تشكيل الشخصية وصقلها وبناء السلوك الذي يصدر من صاحبها تجاه الآخرين وتجاه نفسه وحياته الخاصة.

وتساهم مصادر الثقافة المختلفة في خلق الوعي والإدراك والإحساس أكثر بالأشخاص والأشياء أو ربما تكون الثقافة مَدْعاة إلى تجاهل الآخرين بسبب تشكيل وعي مضاد عن هؤلاء الأشخاص يقضي بضرورة الابتعاد عنهم وإتاحة الفرصة أمام الذات للتوغل في جماليات الحياة وتطوير الذات والقدرات الشخصية.

وهناك العديد من المصادر التي يمكن من خلالها تشكيل الثقافة والوعي تجاه الحياة والأشياء والإنسان، ومن أهم هذه المصادر ما يلي:

1) الكتب

وهي من أهم مصادر الثقافة تأثيرًا ومن أشدها تنوعًا وعمقًا في نفس المتلقي فهو من يحدد نوعية الكتب التي يرغب في مطالعتها، ثم بعد ذلك تؤثر هذه الكتب على شخصيته بشكل أو بآخر، فيتفاعل مع عناصر رواية ما، أو يلامس جمالية ديوان شعري محدد أو يقرأ في تاريخ الأمم والشعوب ويتعرف على الثقافات والاتجاهات المختلفة

2) الأفلام

الأفلام من أهم مصادر الثقافة في العالم خاصة في الفترة التي ازدهرت فيها السينما وبدأت الثقافة الغربية تدخل إلى النفوس عن طريق ما يتلقاه المشاهد في هذه الأفلام من ثقافات وأنماط حياة ودفقات شعورية تتشكل من خلالها نظرته للأشياء وقناعاته المستقبلية.

3) الموسيقى

تختلف أنماط الموسيقى من مكان إلى مكان إلى آخر ومن شعب إلى آخر، وعندما بدأت تختلط الأنماط الموسيقية وتتداخل أدى ذلك إلى وصول ثقافات شعوب لم تكن معروفة من قبل إلى دول كثيرة وهذا ما يتجلى عند ظهور أغنية جديدة تشتهر وتبدأ بالتغول في الشعوب والمجتمعات حتى تصبح حديث الشارع والناس.

4) المجتمع المحلي

يشكل المجتمع المحلي الذي يعيش فيه الإنسان حصة الأسد من الثقافة والمعرفة وطريقة التصرف والتعبير فهو يعيش في بيئة محصورة ومحددة ينشأ فيها ويستمد منها الثقافة الموروثة ويضيف عليها أو يقتبس منها، وغالبًا ما تعيش الجماعات البسيطة والقبلية حالة من توارث الثقافة ووجود ذات الانطباعات والتعابير لدى مختلف أفرادها.

وهناك من يربط الثقافة ومصادرها والموروث الثقافي بشكل عام بما يسمى بالترفيه، حيث تتشكل الثقافة لدى الأشخاص وتتنامى مع تزايد العمر وتقادم الأيام، وكل مصدر من مصادر الثقافة التي من خلالها يزيد الإنسان معرفته هو في النهاية شكل من أشكال الترفيه، فالفلم السينمائي مثلا يجعل المشاهد يعيش تفاصيل خاصة مليئة بالمتعة والإثارة، والموسيقى تضع الروح في مكان عالٍ لا يوصلها إليه أي شيء آخر، أما بالنسبة للكتب بمختلف عناصرها فهي تخلق حالة وجودية أخرى يقيم فيها القارئ ويعيش معها حالة خاصة تضعه في مكان آخر فالثقافة والترفيه مكملان لبعضهما بشكل كبير ولا يمكن فصل مصادر الثقافة عن الجانب الترفيهي لأنها متأصلة فيه.