إعداد: جمال عمر/ باحث سياسي – الإمارات –
خاص بـ MED.mr
مع تجاوز موريتانيا مرحلة التأسيس غداة الاستقلال، ودخولها مرحة ترسيخ مقومات الدولة الحديثة وما صاحب ذلك من ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية باتت تستدعي ضرورة توسيع دائرة العلاقات مع الأشقاء العرب والبحث عن وسائل جديدة لتكوين جيل وطني قادر على الاضطلاع بدور فعال في بناء الوطن، تم ابتعاث مجموعة من الطلاب إلى الكويت، أعقبتها هجرات متتالية لأفراد من ذوي الكفاءة التي تحتاجها الكويت لسد بعض النواقص في مجالات التعليم والفتوى الشرعية وغيرها، ولهذا بدأت تتشكل ملامح جالية مويتانية في الكويت استطاعت مع مرور الوقت أن يكون لها إسهام متميز في مختلف المجالات التنموية في الكويتي، كما كان لذلك انعكاس إيجابي على وطنهم الأم.
طلب العلم جسر للتواصل
فأول تواجد لما يمكن أن يطلق عليه جالية موريتانية في الكويت يعود إلى السبعينات من القرن الماضي، حين وصل إلى أرض الكويت مجموعة من الطلاب المبتعثين لغرض الدراسة، إذ قرر بعضهم الالتحاق بالعمل في مؤسسات حكومية وخاصة داخل الكويت بعد إكمال مرحلة الدراسة، مشكلين بذلك أول نواة للجالية الموريتانية في ذلك البلد الخليجي، لكن الموجة الثانية – والتي شكلت فعلا زيادة معتبرة لأفراد الجالية الموريتانية، تعود إلى نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي، وهي الفترة التي شهدت تعاونا ثقافيا مثمرا بين دولة الكويت وموريتانيا، تم على إثره إيفاد مجموعة من المدرسين من ذوي الكفاءة العالية من طرف وزارة التعليم الموريتانية لسد النقص في بعض التخصصات العلمية داخل المؤسسات التعليمية الكويتية، شملت اللغة العربية والفرنسية والانكليزية والرياضيات، مازال بعضهم يمارس نفس العمل لحد اليوم.
حضور نخبوي متنامي
و مع بداية الألفية الجديدة وما صاحب ذلك من تغير في أنماط العيش لدى المجتمع الموريتاني وتصاعد موجهة الهجرة على المستوى العالمي، مع ازدياد رغبة دول الخليج في الاستفادة من أصحاب الخبرات العالية، وصل إلى الكويت مجموعة من ذوى الكفاءات الموريتانية، شملت خبراء ماليين واقتصاديين وإداريين سامين، كما بدأ بعض أفراد الجالية الموريتانية النشطين في المجال التجاري ورادة الأعمال يوسعون نشاطاتهم الاقتصادية حتى تمكن بعضهم من إنشاء بعض الشركات الخاصة التي أصبح نشاطها الاقتصادي يتجاوز حدود الكويت إلى موريتانيا.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك الحضور النشط للشركة الموريتانية الكويتية للتجارة العامة، والتي أعلنت عن افتتاحها مؤخرا في حفل حضرته شخصيات دبلوماسبة وبعض رواد الأعمال وأصحاب الشركات العاملة في الكويت بالإضافة إلى أفراد الجالية الموريتانية بالكويت.
وقد شكل ذلك الحدث مناسبة للحديث عن المستوى المتطور الذي وصلته العلاقة التاريخية بين موريتانيا والكويت، خاصة بعد الزيارة التي قام بها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح لنواكشوط خلال القمة العربية التي احتضنتها موريتانيا نهاية يوليو 2016
نشاط ثقافي واجتماعي
وقد أسس حجم التواجد المتنامي لأفراد الجالية والنشاط الملحوظ لبعض أفرادها في الكويت لوجود نشاطات اجتماعية وثقافية ورياضية مكثفة خلال السنوات الأخيرة، مثل تنظيم المحاضرات و الندوات، وممارسة الأنشطة الرياضية والترفيهية، والانخراط في الأنشطة الاجتماعية للجالية…. بل ازداد حجم تلك النشاطات مع زيادة أعداد الأسر الموريتانية التي بدأت تلحق أبناءها بالمدارس الكويتية.
وحول توزيع الجالية في الكويت من حيث طبيعة المجالات التي تمارسها يقول الدكتور داهي محمد الامين، موظف بالقطاع الحكومي بالكويت، إن نشاط الجالية الموريتانية ينقسم إلى المجالات التالية: 70% يعملون موظفين في القطاعات الحكومية، 20% يمارسون نشاطاتهم في القطع الخاص، و 10% المتبقية يعمل أفرادها في القطاع غير المصنف.
ويضيف الدكتور/داهي أن غالبية الموظفين الموريتانيين في الكويت تستقطبهم وزارة الأوقاف خاصة في مجال الفتوى الشرعية والإمامة والوعظ ، بنما تتوزع النسبة المتبقية على مجالات التعليم والعمل الإداري والقطاع غير المصنف.
وقد ساهم الطابع النخبوي للجالية الموريتانية في الكويت في تمكن بعض أفرادها من نسج علاقات مميزة في أعلى المستويات بالمجتمع الكويتي، وهو ما ينعكس من خلال تفاعل أفراد الجالية مع مختلف الأحداث التي تشهدها الكويت.