إنها ولاية غيديماغا حيث الغبن والتهميش والنسيان والحرمان هذه الولاية التي تبلغ مساحتها 10300كلم مربع، وعدد سكانها يناهز 267000ألف نسمة، وتتموقع في الجنوب الشرقي من البلاد، فتطل على النهر السينغالي و وادي كاراكورو، فتحدها من الجنوب السينغال ومن الشرق مالي، فهي بحكم موقعها الجغرافي تلعب دورا اقتصاديا وسياسيا وأمنيا مهما، كما قد حباها الله بموارد مائية سطحية وجوفية وأودية بمثابة روافد مائية إضافية و أراضي خصبة شاسعة مما يخولها أن تكون مصدر اكتفاء ذاتي للبلد في مجال الزراعة بشتى أنواعها شريطة وجود إرادة سياسية جادة وصادقة، كما تنعم بمخزون رعوي يجعلها قبلة للمنمين من بعض دول الجوار في موسم الخريف ومن مختلف ولايات الوطن في أوقات الجفاف وندرة المراعي وهذا مما يعني أنها منطقة تجارية وزراعية وتنموية قادرة على تحريك عجلة الاقتصاد الوطني بوتيرة تسهم بشكل فعال في الرفع من معدل النمو وتعزيز التنمية المستدامة، إن استغلت تلك الفرص والموارد أحسن استغلال.
وينضاف إلى تلك المميزات كونها المرآة التي تعكس حقيقة التنوع السكاني في البلاد وتجسد حقيقة التعايش السلمي وصلابة وتماسك النسيج الاجتماعي لمكونات الشعب، حيث يتعايش فيها "البيظان بتصنيفاتهم والسننكي والبولار" جنبا إلى جنب متحابين ومتآخين ومتعاونين، الكل موقن أن البلد للجميع ويسع الجميع- وتلك لعمري هي الوطنية في أبهى صورها وتجلياتها -رغم ما يعانونه من إقصاء وحرمان و غبن على كل المستويات.
فعلى مستوى البنى التحية الطرقية، لاتوجد طرق معبدة تربط عاصمة الولاية بيتيمتيها اللتين قد تنقطع عنهما لأبسط الأسباب ولا أدلّ على ذلك من حالة العزلة التي تعيشها أكثر المدن والقرى والتجمعات في موسم الخريف نتيجة لسيلان بعض الأودية التي لو كانت هناك طرق معبدة وجسور لما توقفت الحركة ولو لثانية واحدة.
أما في مجال الصحة والتعليم فأغلب الموجود من البنى التحية إنما هو بنايات قديمة متهالكة محدودة عاجزة عن تلبية حاجيات الساكنة وأغلب تلك المرافق تعاني النقص الشديدة في الطواقم والتجهيزات وخير مثال على هذا حالة مستشفى سيلبابي" المركز الصحي بالولاية" والذي يفتقر لأبسط الفحوصات والمعدات حيث لا يوجد به فحص تعداد الصيغة الدمويةNFS و جهاز الماسح الضوئي scanner، كما لا يتوفر المركز على المعدات اللازمة داخل مركز نقل الدم وبعض المعدات الضرورية في بعض التخصصات الأخرى،
أما من حيث النقص في الطاقم الصحي فيعاني المركز من عدم وجود أخصائي أطفال، ويوجد به جراح واحد وأخصائي نساء وتوليد وفي حالة غيابه تتم الإحالة إلى كيهيدي، كما لا يتوفر على قسم للإنعاش ويبقى هذا كله مجرد غيض من فيض.
أما في المجال السياسي فيلاحظ التجاهل التام لأبناء الولاية- ذوي الأيادي البيضاء والكفاءات العالية في شتى المجالات والتخصصات- من قبل الأنظمة المتعاقبة مما ولّد حالة إحباط لدى غالبيتهم وساهم في اتساع الهوة بين أبناء الشعب الواحد إلى درجة الطبقية مماجعل الكثير من أبناء الولاية يشعر بالغبن والتهميش والإقصاءالممنهج والمتعمد من طرف الحكومات، وخير دليل على هذا حرمان أبناء الولاية من الترقي في مجالهم الوظيفي وإقصائهم من التعيينات التي تجريها الحكومات في اجتماعاتها الأسبوعية هذا رغم ما يتمتعون به من مؤهلات تفوق في أغلب الأحوال مؤهلات كثير ممن شملتهم الترقيات والتعيينات.
وهكذا يتجلى التهميش والإقصاء ويترسخ الغبن و تتجسد الطبقية ويتولّد الإحساس بالظلم.