أعلن في العاصمة نواكشوط، يوم الأربعاء، عن وفاة أحد أهم رواد جيل الاستقلال واحد الآباء المؤسسين للدولة الموريتانية، إنه ابن الوطن البار «سيدي بوبو كمرا» الذي يوصف بأنه كان «الأب المؤسس» للوظيفة العمومية في موريتانيا.
توفي الفقيد عن عمر يناهز 89 عاماً، قضى أغلبها في خدمة الدولة الموريتانية، فكان أحد الكوادر الوطنية الأولى التي تقلدت مناصب مع إعلان استقلال البلاد، وساهم في وضع أسس الدولة الفتية.
ولد الفقيد عام 1931 في قرية «دافور»، التابعة لمقاطعة «ولد ينجه» بولاية كيدي ماغا، في الجنوب الموريتاني، وعندما كانت الحرب العالمية الثانية مشتعلة، كان الطفل يرتاد المدرسة الابتدائية في مدينة سيلبابي (1938 وحتى 1945).
على غرار أقرانه من مختلف مناطق موريتانيا، توجه الفتى اليافع إلى مدينة روصو، حيث درس الثانوية (1945 وحتى 1949)، وهناك احتك بأغلب الشخصيات الموريتانية التي ستعمل معه فيما بعد على وضع أسس الدولة الجديدة.
بعد تخرجه من روصو، وعندما كان يبلغ من العمر عشرين عاماً، أصبح الشاب «سيدي بوبو كمرا» عام 1951 موظفاً مع الإدارة الفرنسية في مدينة «امبود»، قبل أن يتوجه عام 1955 إلى مدينة دكار حيث عمل موظفاً في خدمة البريد والهاتف (PTT).
مع اقتراب استقلال المستعمرات الفرنسية في غرب أفريقيا، تقلد الفقيد مناصب وظيفية في حكومة «أفريقيا الغربية الفرنسية»، ولفت النظر لما اتسم به من صدق وإخلاص في العمل، ما دفع دولة مالي بعد استقلالها مباشرة إلى أن تعرض عليه جنسيتها، ولكنه رفض وفضل العودة إلى موطنه الأصلي.
عاد «سيدي بوبو كمرا» إلى موريتانيا عام 1960، وهو يبلغ من العمر 29 عاماً، فيما تحكم موريتانيا من طرف حكومة انتداب فرنسية، ويتولى الراحل المختار ولد داداه رئاسة الحكومة فيها، قبل نيل الاستقلال التام بأشهر قليلة.
وجه الفقيد «سيدي بوبو كمرا» رسالة إلى المختار ولد داداه يبلغه فيها بعودته إلى أرض الوطن، واستعداده للمساهمة في خدمة البلد، فأحال ولد داداه الرسالة مباشرة إلى الوزير المسؤول عن البريد والمواصلات (PTT)، مع توصية بدمجه في القطاع الذي يمتلك فيه الخبرة والكفاءة، وهو ما تم بسرعة.
أسندت إلى الفقيد في البداية مهمة «مراقب» ثم «مفتش»، قبل أن يعين في ديوان وزير الداخلية والبريد والمواصلات، ثم مفوضاً ساميا مكلفاً بالوظيفة العمومية عام 1966، وبدأ منذ ذلك الوقت وضع أسس «الوظيفة العمومية» في الدولة الفتية، وهي أسس ما تزال ملامحها ماثلة للعيان اليوم.
يوصف الراحل بأنه كان نموذجا للموظف المثالي، وظل طيلة مساره المهني ملتزما بقيم النزاهة والصدق والإخلاص، ترك الراحل بصمات واضحة وأثر طيب ليس في ليس في مجالات عمله فحسب وإنما في محيطه فجميع أبنائه وأحفاده يحملون شهادة الدكتوراه في مجالات مختلفة وبرحيله يكون الوطن عمومًا وميدي ماغا على وجه الخصوص قد فقدت قامة سامقة و سياسي مخضرم ذائع الصيت تغمده الله بواسع رحمته وألهم ذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون كيدي ماغا نيوز تتقدم بخالص العزاء للشعب الموريتاني عامة ولذوي الفقيد على وجه الخصوص.