تربط الجمهورية الإسلامية الموريتانية وجمهورية مالي الشقيقة علاقات ضاربة الجذور في عمق التاريخ، تقوم على وشائج الأخوة والدين والتاريخ والمصالح المشتركة، وقد شكّل البلدان عبر قرون طويلة نموذجًا فريدًا للتعايش والتكامل، حيث ظل كلٌّ منهما ظهيرًا وسندًا للآخر في مختلف المحطات.
إنّ التداخل الاجتماعي والاقتصادي والثقافي بين الشعبين جعل من الحدود مجرّد خطوط جغرافية لا يمكنها أن تفصل قلوبًا توارثت المودة والرحم والمصير الواحد. كما أن التبادلات التجارية والبشرية اليومية تشهد على عمق هذا الارتباط الحيوي، الذي يشكّل ركيزةً أساسية لاستقرار منطقة الساحل برمّتها.
غير أنّ بعض الأصوات النشاز تحاول بين الفينة والأخرى الاصطياد في الماء العكر، مستغلةً بعض الأحداث العابرة أو الحملات المغرضة لتأليب الرأي العام وإثارة الفتنة بين الأشقاء. وهي محاولات مرفوضة، يدرك الجميع خطورتها على الأمن المشترك والسلم الاجتماعي في المنطقة.
وفي هذا السياق، من المهم التأكيد على أنّ استقرار مالي هو جزء لا يتجزأ من استقرار موريتانيا والمنطقة بأكملها، وأن أي اضطرابات أو توترات هناك ستنعكس حتمًا على الجميع. ومن هنا، فإن الوعي بخطورة الدعوات المشبوهة، وتغليب صوت الحكمة والعقل، يبقيان الخيار الأوحد لصون المصير المشترك.
ومع احترامنا الكامل لسيادة كل دولة وخياراتها الدبلوماسية والسياسية، فإننا ندعو إلى تفعيل قنوات التواصل وتعزيز الدبلوماسية المتبادلة، بما يضمن حقوق الجاليات في البلدين، ويجسّد قيم حسن الجوار التي ميّزت علاقات الشعبين منذ القدم.
فموريتانيا ومالي، وإن افترق اسمهما على الخريطة، فقلوب أبنائهما تنبض بنهر واحد من الأخوة والمصير المشترك، لا تكدر صفوه دلاء المرجفين. أو هكذا ينبغي أن يكون