ان للمسجد في المجتمع السوننكي دوره المحوري والتاريخي يبقي ببقاء الاسلام ويخلد بخلود نظامهم الاجتماعي المتماسك فقد بني اول مسجد في المجتمع السوننكي حسب المصادر التاريخية في زمن معاوية بن أبي سفيان عن طريق الصحابي الجليل فاتح افريقيا عقبة بن نافع رضي الله عنه اثر اعتناق الامبراطور السوننكي (قندور) الاسلام وحول قصره الامبراطوري والملكي الي مسجد جامع ومصلي يؤدي فيه المسلمين اكبر فريضة في الاسلام بعد الشهادتين برهانا بذلك على صدق ايمانه وحسن اسلامه واعتزازه بهذا الدين الجديد الذي لم يكن غريبا عن المجتمع السوننكي من حيث مبادئه فقد كان هذا المرسوم الملكي اي:تحويل القصر الملكي الي مسجد حدثاً عظيما في المجتمع السوننكي والاعلام الدولي حينها حيث يمكن تصور مثل ذلك الحدث العظيم في عصرنا الحاضر بحال اعتناق رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب الاسلام وتحويل البيت الأبيض الي مسجد يسوي فيه الصفوف الاول فالأول والمنكب بالمنكب.
ومن هنا اكتسب المسجد مكانة عالية في قلب الانسان السوننكي واحتل منزلة عظيمة عنده فبالإضافة الي كون المسجد في نظر المسلمين جميعا بيت من بيوت الله يستحق التعظيم والتقدير لعظمة صاحب البيت الذي هو العظيم القدير فان المسجد في نظر المجتمع السوننكي قصر امبراطوري وملكي ايضاً تنازل عنه الامبراطور والملك السوننكي لملك اعلي واعظم وهو الملك الديان مالك الكونين والثقلين فهذه النظرة الازدواجية جعلت الانسان السوننكي من اكثر الناس تعظيما للمساجد واكثر الناس حماسة للإنفاق على المساجد بناء واعمارا وصيانة ومداومة على تفقد ما تحتاج إليه المساجد من نظافة وكهرباء وماء وفرش وسجاد حتى صارت القري والامصار السوننكية في كل من مالي وموريتانيا وسنغال وغامبيا وغينيا تتنافس وتتفاخر على تشييد افخر المساجد التي يؤسسونها من طيب اموالهم المكتسبة من عرق جبينهم بعيداً عن التمويلات الخارجية المشروطة بنشر ايدولوجيات الممولين فالمساجد السوننكية ممولة عن طريق اتاواة اجتماعية مفروضة على جميع سكان الاصليين للقرية كل حسب امكانياته المادية وتتحمل الجزء الاكبر الجاليات في خارج الوطن
وحسبنا ان نذكر حجم ما انفقه سكان قرية جاكيلي في كيديماغا الموريتانية من اموال طائلة على بناء الجامع الكبير للقرية لا يكاد يصدقه الانسان لكثرة ما انفق فيه من اموال وما استخدم من رجال حيث قدر تمويله باربعمائة مليون اوقية ومثل هذا يتكرر في كل قرية من القري السوننكية لبناء عشرات المساجد وملحقاتها من محاظر ومجالس للشيوخ لادارة شئون القرية ومراكز للإيواء حتى صار ارتفاع المآذن والقبب رمز وشارة فارقة للقري السوننكية ومصدر فخر للقرية السوننكية وهذا لعمري فخر ما بعده فخر .
ولكن ايضاً من واجب الدعاة والمثقفين توجيه الاموال السوننكية بما يحقق الاغراض الدينية والاجتماعية والثقافية الاخرى لبناء عنصر التوازن في عجلات المجتمع فبدلاً من بناء مساجد بهذا الكم الهائل من الاموال حيث يوجد في القري بما فيه الكفاية من مساجد يوجه الاموال في بناء المكتبات والمعاهد العلمية المتخصصة والمؤسسات الخيرية والإنسانية بما يحقق اغراض المجتمع السوننكي وبما يتماشى مع تطور الزمن وكذلك دعم وتطوير الصناعات التقليدية التي على اساسها نسجوا نظامهم الاجتماعي والطبقي في قطاع الصناعة الجلدية والخشبية والحبكية والصناعة الحديدية لتمكين ودمج ابناء هذه القطاعات والصناعات في الحياة المعاصرة بعد غزو قطاعاتهم من قبل الاسواق الصناعية الدولية
شاعر النصرة :بوبكر سالم سيلا