هل أضحى شجر التيدوم على وشك الانقراض من بلدنا؟ الأستاذ أحمدو إبراهيم مسعود

في ظل التسابق المتزايد نحو النشاطات الفلاحية _خصوصا في فصل الخريف والذي تستعيد به الأرض اخضرارها ورونقها ويخرج ثمر كل نبتة بإذن ربها _يصنف التيدوم كأهم شجرة تدعم الاقتصاد الريفي وتعززه بثمارها الصحية المفيدة للبشرية وإن كان بعض بعض الأشجارتقتصر غلته على موسم الخريف والشتاء فإن هذه النبتة العظيمة تستفيد منها الإنسانية في كل المواسم ،ففي الخريف مثلا يجلب الناس عليها بخيلهم ورجلهم قصد منتوجها الخريفي المهم المتمثل في الورق المسمى محليا (تقيه) فحين تتهاطل الأمطار وتشرئب أعناق النباتات إيذانا بقدوم الخير واستعدادا للحياة وينتفض كل كائن من غبار الصيف ويخضر وجه المعمورة عندها يمتشق الناس أسيافهم من أغمادها ميممين وجوههم نحو هذه الشجرة المفيدة لقطع أوراقها ثم وضعها تحت لفح الشمس الحارق لتجفيفها ليتم طحنها بواسطة أيدي رجال أقوياء أشداء ،بعدها تصبح جاهزة للاستخدام إما للأكل أو للبيع بل إنها تستعمل خضراء لأمور أخرى.
عند الحديث عن العطاء الذي تنثره التيدومه لا يمكننا البتة نسيان ثمرتها الشتوية والصيفية الممثلة في التبلدي أو (تنق، تجمخت) حسب التسمية المحلية فهي أهم ثمرة تنتجها ولا يوجد أدنى شك عند أي إنسان في فوائدها الصحية الجمة بالإضافة إلى كونها سلعة رائجة في الأسواق يضاف إلى هذه العطايا الهامة أنه عندما تقل المراعي ويبلغ الصيف أوجه يعتبر التيدوم نفسه علفا جيدا للحيوان. وأكثر من ذلك فالتيدوم قلعة شامخة وتاريخ خالد والد لاحتفاظه بتلك النقوش القديمة التي رسمها الآباء والأجداد في العصور الغابرة فهو لا يقل شأنا عن الحفريات التي يعثر عليها الباحثون مطمورة في باطن.
التيدوم شلال من الوفاء والعطاء يتدفق بانسيابية مذهلة ودوحة شماء سامية عصية على الانكسار تتفيأ ظلالها الوارفة مساهمة في إسعاد البرية.
ورغم كل هذا الفضل الذي تعود به هذه النبتة الشريفة على بني الإنسان فلم يقابله الناس إلا بالإهانة وعدم الاهتمام ففي بعض الأماكن_كيدماغه مثلا_ حين يلقي الناظر نظرة سريعة بعض غاباتها يرى التيدوم بين فصائل الشجر كأنه حبات لوبيا في وجبة أرز ناصعة البياض وهذا عائد أساسا إلى عدم إعطائه فرصة للوالد والتزايد فهو يتعرض لاشك لاستخدام جائر وغاشم لا يخامرني شك أبدا أن المواطنين بحاجة ماسة إلى ثمار هذه الشجرة المفيدة التي تعتبر الركيزة الأساسية لدخل الكثير منهم إلا أنه من حسب وجهة نظر شخصية أرتأيت أن يتم سن قانون يحل قطع التيدوم عاما ويحرمه عاما على الأقل كما تم سن راحة بيولوجية لصالح السمك وذلك لسببين.
الأول أن تكون هناك فرصة لتكاثره
الثاني أنه بعدم قطع الورق سنكون أمام احتمالية جني الكثير من التبلدي (تنق. تجمخت) الناشئة أصلا من الورق والتي تعتبر أهم وأغلى منه
وإن استمر التغاضي والاستهتار بهذه الشجرة التي شهد التاريخ الإنساني على عطائها فربما تنقرض من هذه البلاد على الكثير من الأشجار التي انقرضت من هذه الربوع الطيبة وسنظل مستوردين لها.

فهل نحن حقا على وشك انقراض التيدوم؟