أود أولا أن أتوجه بجزيل الشكر للمنتخبين والوجهاء والأطر ومناضلي ومناضلات حزب الإنصاف وقاطني مقاطعة تامشكط وعموم ساكنة الحوض الغرب وسائر الوافدين من الولايات الأخرى لحرصهم على استقبالنا ومشاركتهم لنا فعاليات انطلاق الحملة الزراعية لسنة2022- 2023 رغم انشغالاتهم الجمة، قررنا هذه السنة إطلاق الحملة الزراعية في هذه المقاطعة العريقة للتأكيد على أهمية الزراعة المطرية التي تراجع الاهتمام بها منذ فترة بالرغم من كون هذه الزراعة الموسمية شكلت تاريخيا دعامة الأمن الغذائي في بلدنا
نحن حريصون على أن تستعيد الزراعة المطرية دورها المحوري التقليدي في خاق فرص العمل وتوفير المواد الغذائية وتوفير مواد العلف وتثبيت السكان في مواطنهم
ويتعين علينا استغلال كافة المساحات المتاحة للزراعة المطرية في السدود والوديان والواحات، إذن استغلال هذه المساحات المتاحة يتعين علينا أكثر من أي وقت مضى وينبغي حسم النزاعات العقارية التي تشكل عائقا دون ذلك، وإرساء قواعد انسجام وتكامل دائمين بين المزارعين والمنمين.
تحقيق الأمن الغذائي على المستوى الوطني مرهون بقدرتنا على تطوير زراعتنا بشقيها المروي والمطري والحكومة تبذل جهودا كبيرا في جلب الاستثمارات للقطاع وتوسيع المساحات المستصلحة وتوفير المدخلات الزراعية وتنفيذ العديد من البرامج والمشاريع المرتبطة بترقية الزراعة مثل فك العزلة عن مناطق الإنتاج وكهربة مناطق الإنتاج.
إن مسألة الاكتفاء في المجال الغذائي لم يعد مجرد خيار استراتيجي فحسب بل أصبح أكثر إلحاحا من ذلك، ويمكننا اعتباره ضرورة لازمة لكونها في الحقيقية مسألة تتعلق بالسيادة وبالأمن وهي أساس القدرة على الصمود في وجه مختلف الأزمات.
عندما اجتاحت جائحة كورونا العالم وجاءت أزمة أوكرانيا بعد ذلك لتضاعف النتائج الكارثية لأزمة كورونا وخلقت تحديا جديدة على جميع المستويات مما ادى الى ارتباك وأصيبت سلاسل التموين والإمداد بالخلل وتضاعفت أسعار الطاقة والمواد الاستهلاكية وارتفعت نسبة التضخم، وضعفت وتآكلت القدرة الشرائية للمواطنين في سائر بلدان العالم، ظهر أن الدول الأكثر صمود في وجه هذه الأزمات والأقل تضررا هي الدول التي تعتمد على نفسها في أمنها الغذائي.
لهذا كله كانت جل جهود الحكومة في بلدنا منصبة على دعم القدرة الشرائية للمواطنين وتخفيف أثر هذه الأزمات التي ذكرنا على حياتهم اليومية بدعم المواد الغذائية ودعم المحروقات وبالتحويلات النقدية وبتوفير التأمين الصحي والعديد من البرامج والمشاريع التي تسير في نفس المنحى وزادت تكلفتها على 200مليار أوقية قديمة منها 138 مليار مازالت تدعم محروقات الوقود والغاز المنزلي رغم نقص الدعم الذي بدأ سريانه خلال الأيام القليلة الماضية فمازال هذا المبلغ يخصص لدعم هذه المواد، وما يقارب 100 مليار منها دعما لجوانب أخرى لمعيشة الأخرى المواطن
غير أن هذه الإجراءات وهذا الدعم الذي بطبيعة الحال مهمة جدا ومهم استمرارها وستستمر إن شاء الله لكن ينبغي أن نعترف أنها لا تشكل حلا حقيقيا ومستداما لمشاكلنا، لماذا؟
لأنه كلما احتجنا إليها وكثرت وكلما كانت شاملة كلما كانت كلفتها أكبر على مستوى عجز الميزانيات عن تحملها مما يهدد التوازنات الاقتصادية الكبرى.
ومع كل هذا ينبغي التذكير بأن بلدنا ليس من أسوء البلدان ظروفا وإذا قلت أنه ليس من أسوئها قد يظن البعض أنه فقط ليس من أولئك السيئين، والواقع هو أن بعض البلدان التي من حجمنا ولديها الوسائل التي لدينا بل إن بعض البلدان التي تتوفر على وسائل أفضل من وسائلنا ولديها اقتصاد أفضل من اقتصادنا نجد ظروفنا أحسن من ظروفهم.
فالمؤن متوفرة لدينا وفي بعض البلدان الكبيرة والقوية نجد طوابير طويلة على مادة معينة من احتياجات المواطن من زيت سكر وطحين والأمر لم يحدث لدينا منذ البداية ، من بداية كورونا بعض وبصراحة كان مستوى الصمود لدينا ليس من أدنى مستويات الصمود بل اذا ما قارنا أنفسنا بالبلدان التي من حجمنا فنحن من أفضلها وإذا قارنا أنفسنا بالبلدان التي فوق ذلك فسنقول أننا لسنا دونهم.
على كل حال ليس هناك ما يجعلنا نعتبر أنفسنا في وضعية صعبة، لدينا الكثير من المقدرات والمستقبل القريب والبعيد منه على المدى المتوسط نستطيع أن نقول أنه سيكوون زاهرا، وستكون الظروف فيه لا بأس بها، لكن كل ذلك يتطلب نبذ الكسل ونبذ الاتكالية وأن نستغل مقدراتنا الطبيعية الهائلة بالعمل وبالعمل ثم بالعمل.
مناطقنا الريفية بها الكثير من المقدرات من ضمنها الزراعة بطبيعة الحال، ولكن بها مقدرات أخرى ينبغي استغلالها مثل الصيد القاري ومثل صيد الأسماك غير الموجودة في البحار والأنهار لدينا منها الكثير من الموارد غير المستغلة والتي يمكنها أن تلعب دورا في مجال الاكتفاء الذاتي، هذه المناطق يمكنها أن توفر فرص هائلة في التشغيل وتحسين ظروف الأسر والأشخاص العاملين فيها منها بحيرة كنكوصة ومحمودة وسد فم لكليته وبحيرة ألاك ومنها مناطق أخرى تناهز 12 الى 15 ومكان.
وقررنا وأعطينا تعليماتنا للحكومة يوم أمس بإنشاء وكالة خاصة للصيد القاري بما فيه استغلال وتطوير هذا النوع من الصيد والسيطرة عليه بطريقة نموذجية والاستفادة من التجارب التي تضمن التقدم في هذا المجال.
نحن مصرون على دعم قدرتنا على الصمود وتطوير قطاعاتنا الإنتاجية وتحقيق الاكتفاء الذاتي وتطوير قطاع الزراعة بشقيه المروي والمطري، ومن هنا أدعوكم جميعا وأدعو من خلالكم جميع مواطنينا إلى لإقبال على الزراعة بشقيها المروي والمطري، وأجدد الدعوة لرجال أعمالنا في القطاع الخاص وكافة الفاعلين الاقتصاديين إلى الاستثمار في هذا القطاع لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الغذاء والتأسيس لتنمية شاملة ومستدامة.
وتشجيعا لهذا فقد أعطينا تعليماتنا للحكومة بتحمل تكاليف سفر جميع المواطنين الذين يرغبون في المساهمة في الموسم الزراعي.
شكرا وبارك الله فيكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.