سيلبابي خطبة اليوم:العدل ميزان الله الذي وضعه للخلق ونصبه للحق

لقد أفاد وأجاد خطيب المسجد العتيق بسيلبابي الإمام والخطيب فضيل الشيخ عبد الله بكري سيسى في خطبتة الجمعة 26-02-2021 والتي جاءت تحت عنوان العدل الذي هو أساس كل شئ فما أحوجنا إليه اليوم لن نطيل عليكم سأحيلكم إلى نص الخطبة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، وأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله .
وبعد: أيها الأخوة المؤمنون : العدل هو أساس المساواة ، هو الإنصاف ، العدل هو إعطاءكل ذي حق حقه قال فيه العلماء : العدل ميزان الله الذي وضعه للخلق ونصبه للحق ، فلا تخالفه في ميزانه ولا تعارضه في سلطانه .
وما تبددت سحب الفضيلة ، وما غاب ظلها عن المسلمين وغير المسلمين اليوم إلا لغياب شمس العدالة، عدالة السماء ، عدالة شريعة الرحمن سبحانه ، فأستظل الناس بنار الديكتاتوريةوافترشوا رماد الديمقراطية .
أيها المؤمنون لقد عظم الله شأن العدل فجعله سبحانه وتعالى- مدار الرسالات ، وقوام السماواتُ، قال ربنا جل شأنه - ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَينَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكٍتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسُُ شَدِيدُُ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ) [الحديد25] فأخبر أنه أرسل الرسل وأنزل الكتاب والميزان لأجل قيام الناس بالقسط وذكر أنه أنزل الحديد الذي به ينصر هذا الحق فالكتاب يهدي والسيف ينصر ، وكفى بربك هاديا ونصيرا . أيها المؤمنون لقد عظم الله شأن العدل فجعله صفة من صفاته سبحانه ، وفعلا من أفعاله ، هو قائم به سبحانه - في كل شأنه ، قال جل جلاله : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَّ وَالْمَلاَئِكَةُ وأُولُو الْعِلْمِ قَائِمََا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَّ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ) [ آل عمران:18] قال السعدي :(قَائِمََا بِالْقِسْطِ ) أي لم يزل متصفًا بالقسط في أفعاله وتدبيره بين عباده فهو على صراط مستقيم في ما أمر به ونهى عنه وفيما خلقه وقدره . والثاني أنه سبحانه وتعالى عدل في هذه الأحكام غير ظالم لعبده بل لايخرج فيها عن موجب العدل والإحسان فإن الظلم سببه حاجة الظالم أو جهله أو سفهه فيستحيل صدوره ممن هو بكل شئ عليم ومن هو غني عن كل شئ وكل شئ فقير إليه ومن هو أحكم الحاكمين .
وفي الصحيح من حديث ابن مسعودرضي الله عنه وقوله صلى الله عليه وسلم للذي قال : والله إن هذه قسمة ما عدل فيها قال النبي صلى الله عليه وسلم " فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟" عباد الله عظم الله شأن العدل فأمر به أمر به أمرًا صريحا بأجلى العبارات وأشدها إلزامًا فقال : - جل وعلا (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ)[النحل :90] فتذكر يا عبد الله أن تعدل بين الناس هو أمر رباني أن تلزم بالعدل هو أمر رباني أن تقيم العدل هو أمر رباني أمر رباني لايخضع إقامة العدل لهواك ولا لمزاجك ولا لمصالحك إن كانت الرياح لصالحك تشدقت بالعدل وإن كانت ضدك غمزت العدل .! تذكر أن إقامتك للعدل هو أمر رباني جاء من فوق سبع سماوات أمر الله به عباده ولم يستثن منهم أحدًا حتى الأنبياء نعم الأنبياء من لدن آدم حتى نبينا عليهم الصلاة والسلام جميعا فأنبياء الله وهم منهم لم يأذن الله لهم أن يحكموا كما يشاؤون في أممهم بل أمرهم بإقامة العدل الذي يرضي ربنا سبحانه . نعم يا عبد الله خاطب الله سبحانه نبيه وعبده داوود عليه السلام قائلا له آمرًا له : (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةََ فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلُّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِِنَّ الَّذِينَ يُضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابًُُ شَدِيدُُ ](ص : 26] ، قال ابن كثير هذه وصية من الله عز وجل لولاة الأمور أن يحكموا بين الناس بالحق المنزل من عنده تبارك وتعالى ولا يعدلوا عنه فيضلوا عن سبيله وقد توعد الله تعالى من ضل عن سبيله بالوعيد والعذاب الشديد. ليعلم بذلك كل مسؤول وكل حاكم وكل وال وكل مدير وكل صاحب منصب إنك لست أكرم على الله من أنبيائه والله أمرهم أمرًا بينا بأن يقيموا العدل بين الناس وإلا فهو الحساب الشديد ، ليعلموا وليفهموا أن هذه الدنيا ليست هملا ، وأن المناصب ليست للتمتع وانتفاخ البطن وتضخم الجيوب والأرصدة ، إنما هي لإقامة حق الله في الأرض والعدل بين الناس الذين تتولى أمرهم قلُّو أم كثرو نعم - يا عبد الله أمر الله الناس بالعدل ولم يستثني أحدًا فخاطب سبحانه نبيه وصفيه من خلقه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قائلا له آمرًا له : ( وَإنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِنَ] ( المائدة :42]. ولكن يا أيها المؤمنون - يقرر لنا ربنا سبحانه - متى نكون عادلين وكيف نكون عادلين فيقول ربنا سبحانه لنبيه صلى الله عليه وسلم - ولأتباعه الصادقين إلى يوم الدين ( فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ هُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ]المائدة:48[.)فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ)ويقول لنبيه صلى الله عليه وسلم - ولولاة أمر المسلمين من بعده قولا عدلا ، قولا فصلا ( : إِنَّا أَنْزَلنا إِلَيْكَ الْكِتَابَ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ ] (سورة النساء 105)قال السعدي: أخبر أنه أنزله ليحكم بين الناس والحكم بين الناس هنا يشمل الحكم بينهم في الدماء والأعراض والأموال وسائر الحقوق وفي العقائد وفي جميع مسائل الأحكام . أيها المسلمون لا يمكن أن ينعم المسلمون بالعدل إلا أن يكون ميزانه كتاب ربنا العظيم جل في علاه - هذا هو ما بينه لنا ربنا سبحانه وقد فعل ذلك نبينا صلى الله عليه وسلم والتزم بذلك وأعلنه صريحا فقال ما قال له ربه سبحانه (وَأُمِر ْتُ لِأْعدِلَ بَيْنَكّمْ ](الشورى:15] قال ابن كثير أي في الحكم كما أمرني الله . عباد الله ثم خاطبنا الله تعالى بإقامة العدل كما خاطب من قبل أنبياءه فقال سبحانه ): - وَإِذَا حَكَمُتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ] النساء: 58]. ولا يكون العدل في الحكم إلا إذا حكم المؤمن بين الناس بشرع الله سبحانه - وكما أمرنا الله سبحانه - بإقامة العدل كذلك أمرنا رسوله صلى الله عليه وسلم فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى اللهزعليه "إذا حكمتم فاعدلوا" وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا ومنشطنا ومكارهنا وعلى أن لا ننازع الأمر أهله وعلى أن نقول بالعدل أينما كنا لا نخاف في الله لومة لائم " وقال تعالى في آية أخرى آمرًا عباده بإقامة العدل وتطبيقه بصورة كلية وصادقة والحذر من معيقاته ( يَأَيُّهَا الَّذِين آمَنُوا كُنُو قَوَّامِنَ لَللَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمِِ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْعِلُو هُوَّ أَقْرَبٌ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرُُ بِمَا تَعْمَلُونَ ] (المائدة :8) قال ابن كثير يأمر تعالى بالعدل في الفعال والمقال على القريب والبعيد والله تعالى يأمر بالعدل لكل أحد في كل وقت وفي كل حال