المهرجان السوننكي الدولي (التعريف ،الأهداف محطات)

تعتبر المهرجانات عاملا مؤثرا في تشكيل الهوية الثقافية و تعزيزها لدى المجتمع، و وسيلة للحفاظ على الثراث و إحيائه، و تعزيز الوعي الثقافي لدى المجتمع وخاصة الفئات الناشئة.
تعريف: المهرجان السوننكي الدولي هو مهرجان تراثي و ثقافي و فني و تنموي ...، تُنظِمه رابطة النهوض بالثقافة و اللغة السوننكية - التي يوجد مقرها في باريس - بالتعاون مع الروابط المماثلة لها في دول المنشأ، و يعقد المهرجان كل سنتين ، في إحدى الدول التي يوجد فيها السوننكى كسكان أصليين، يحضره وفود من جميع الدول التي يوجد فيها السوننكي و كذلك من المهجر، و نسخة 2023 هي النسخة السابعة للمهرجان، و هي المرة الثانية التي يُعقد فيها المهرجان في العاصمة الموريتانية نواكشوط، بعد نسخة 2014، و قد نُظمت ثلاث نسخ من المهرجان في دولة مالي و واحدة في عواصم كل من السينغال و غامبيا، و النسخة القادمة ستعقد في ساحل العاج عام 2025.
أهداف المهرجان: و يهدف المهرجان - كما يقول القائمون عليه - إلى الحفاظ على اللغة و الثقافة و القيم السوننكية الحسنة، و بعبارة أخرى ( الحفاظ على Sonikakhu أي طريقة حياة سوننكى) و محاولة النهوض بالمجتمع السوننكى ثقافيا و تعليميا و اقتصاديًا و اجتماعيا و محاولة إيجاد حلول للتحديات التي يعاني منها الإنسان السوننكي، و فتح قنوات اتصال بين الشعب السوننكي الذي فرقته الحدود و دول الشتات.

تميزت نسخة نواكشوط بافتتاحها من قبل رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ ولد الغزواني، و كذلك بتسهيلات للوفود القادمة من الخارج وتأمين الجيد للمهرجان من قبل السلطات.
أنشطة المهرجان: تنقسم أنشطة المهرجان إلى أربع فئات رئيسية :
- الورشة المتخصصة للغة السوننكية، تناقِش واقع اللغة السوننكية في كل بلد، و مدى تقدم تنفيذ البنود التي اتفقوا عليها من أجل توحيد طريقة كتابة اللغة السوننكية.
- المحاضرات و الندوات.
- معرض تجاري للمتنتجات النسوية و الصنعات التقليدية والحرفية والكتب.
- السهرات الفنية : الموسيقية و المسرحية. بالاضافة إلى عروض الأزياء و الوجبات السوننكية. و اليوم المرأة السوننكية.
المحاضرات والندوات : تميزت محاضرات هذه النسخة بالثىراء و التنوع في المواضيع مابين تاريخي و اجتماعي و اقتصادي و تعليمي و إعلامي و صحي بالاضافة الى تحديات التي تعاني منها المرأة السوننكية، و كانت على النحو التالي:
- إمبراطورية غانا: بين التقليد الشفوي و الواقع التاريخي.
- الإعلام السوننكي الواقع التحديات.
- صحة السكان والرعاية الاجتماعية.
السوننكى: التنظيم الاجتماعي و أنماط التعايش المعاصرة. حيثت نُقشت فيه الشرخ الاجتماعي الي يشهده المجتمع السوننكي بسبب مخلفات الرق.
في يوم المرأة السوننكية تحت شعار: تمكين المرأة. خصص للعناوين التالية:
- أهمية إبقاء الفتيات في المدرسة.
- الولوج إلى الصحة الإنجابية.
- الحصول على الاعتمادات والمعلومات و التكوين التكنولوجي.
و نُنوِه إلى اليوم المرأة السوننكية تميز بتنظيم جيد و محكم، حيت قُسم على الحضور جدول مفصل للأنشطة التي يتضمنها التظاهرة، و قدمت العروض من متخصصات، وعرضت بعض المواضيع في شاشة العرض، مما يعني أن القائمات على هذا اليوم حضرن له جدا حتى استطاع أن يخرج بهذه الصورة الجيدة.

ملاحظة على المهرجان:
- التنظيم : لم يكمن على مستوى الحدث و خاصة الجانب الإعلامي منه، بل يمكن القول إن الأخير كان كارثيا، حيث غابت الإعلانات و اللافتات تماما في أماكن المهرجان.
غياب مطويات تُعرفُ بالمهرجان و أهدافه و أهم المواضيع التي سيتناولها. تعودنا في مثل هذه التظاهرات أن يحصل الزائر على نشرية تعريفية تشمل على خلاصة لعنوانين المهرجان و أسماء المحاضرين و أماكن انعقاد الأنشطة، حتى يكون الزائر على بينة من المهرجان. تأخر إعلان جدول المحاضرات حتى وقت من متأخر من ليلة انطلاق المهرجان، تم الاكتفاء بنشره على وسائل تواصل الاجتماعي.
- التقديم في الافتتاح الرسمي كان سيئا للغاية و فوضوي؛ حيت أُحتلت المنصبة من قبل بعض إدعياء الصحافة، ما كان ينبغي بل من العار أن يتم إسناد هذه مهمة لبعض من كان يتولى الربط في مثل هذا الحدث الكبير و بحضور الرئيس الجمهوريه و القادة السياسيون و وفود المهرجان، و لقد استغل بعض هؤلاء المنصة لتمرير رسائل مقززة بشكر بعض رجال الأعمال وتلميع البعض الآخر، بل حتى إيحاءات جهوية، مع التقديم السيء الذي لا يعتمد إلا على الصراخ، مع غياب التنسيق فيما بينهم.
- ضعف التواصل مع غير السوننكيين في المهرجان، حيث لم يكن في أماكن تنظيم المهرجان ما يساعد الزوار تكوين صورة تقريبية عن المهرجان حيث غابت الإعلانات تماما والمطويات أو المتطوعين بشرح أهداف المهرجان للزوار.
فيما يتعلق بجانب العروض و المحاضرات: الاختصار على مكان واحد للمحاضرات و كذلك اختيار قصر المؤتمرات القديم لم يكن موفقا، أغلب المحاضرات عُقدت في قاعدات صغيرة والصوت لم يكن جيدا في في بعض الأحيان.
بعض من أسند إليهم العروض لم يقدم ورقة، إنما اعتمد على خلاصات وملاحظات، بل بعض المشاركين قدم مشاركته ارتجالا، مما يعني عدم الجدية، لا يعقل في مثل هذه المناساب أن يتم أسناد تقديم مشاركة اليك - المفروض أنك أُخبرت قبل شهور- و تأتي لا تصحب أي ورقة. وتجدر الإشارة أنني لم أحضر جميع المحاضرات بسبب الغياب و تمزامن بعضها. حتى لا أظلم أحدا.
في ورشة الزراعة الذين قدموا العرض لم يكونوا متخصصين أكاديميا في الزراعة، إنما أصحاب تجارب مشاريع زراعية: رجال أعمال نجحوا في الزراعة، و قادة صناديق تنموية و مغتربون و موظفون و سساسيون عادوا إلى الزراعة و شباب اختاروا الانخراط في المجال الزراعي. عدم التعمق في بعض المواضيع لضيق الوقت بسبب نقص القاعات و ازدحام البرنامج، بل واستضافة القصر لنشاط سياسي لإحدى الاحزاب السياسية.غياب مقرر في بعض الندوات.
- تراجع في كمية الكتب المعروضة مقارنة مع نسخة 2014 حيث اختصرت الكتب المعروضة على الكتب السوننكية.
-عدم تخصيص مساحة للشعر والشعراء سواء في الأمسيات الفنية أو خلال العروض، للمرة الثانية، لا يعقل في مهرجان الهدف الأول من إنشائه هو الحفاظ على اللغة السوننكية و يتم تغييب الشعر و الشعراء.
- كانا نتوقع أن يتم تكريم الاستاذ مامدو باتجلي مؤلف أكبر معجم سوننكي الذي رحل عن دنيانا السنة المنصرمة.

مجلات شهدت تحسنا:
الحضور النوعي للمشاركين في المهرجان، ما بين أكاديميين و قادة مؤسسات و جمعيات و سياسيين شباب من المهجر و رجال أعمال و وزراء و سفراء و نواب سابقين و عدد كبير من الصحفيين و الفنانين.
الحضور النسوي المميز في كافة أنشطة المهرجان.
التحسن النوعي في المعرض المنتوجات النسوية كما و نوعا، الإهتمام بالماركتينك من قبل أصحاب ريادة الأعمال، و حضور صناع المحتوى، و التجاوب الكبير من قبل جماهير نواكشوط مع المهرجان من كل فئات الشعب الموريتاني، و من السواح الأجانب أيضا، و خاصة للمعرض و الأمسيات الفنية، و حرص جمهور المهرجان على الزي السوننكي المميز مما أضفى لمسة جمالية على أجواء المهرجان.
مقترحات:
ينبغي على القائمين على المهرجان في النسخ القادمة الاهتمام ببعض الأمور غاب بعضها عن هذه النسخة وعَرف الآخر تقصيرا. منها:
- إعطاء عناية بمعرض الكتاب و جلب أكبر قدر ممكن من المؤلفات السوننكية، وهي كثيرة، و كذلك جميع الكتب التي تتناول المجتمع السوننكي تاربخا و ثقافة في جميع اللغات، حتى يتسنى لزائر المهرجان الاطلاع على الشعب السوننكي بشكل جيد، لاسيما أن غالبية شعبنا لا يستطيع قراءة الكتب السوننكية. عدم ترك المعرض الكتاب للمبادرات الفردية.
- تخصيص مساحة للشعر و الشعراء و المنشدين، و كذلك أصحاب الفنون الجميلة و هوات التصوير و السينما.
- وتخصيص ورشات لمناقشة وضع المسرح و ادرما السوننكية لأنها من أكثرَ الفنون استهلاكا من قبل الجمهور.
- تشجيع الكتاب والمؤلفين،
- تصنيف مفردات التراث السوننكي غير المادي، و عرض لوحات قصيرة تعرف به. و تدوين الموسقى السوننكية.
- منح عناية للصناع التقليديين، و كذلك صناع المحتوى الذين يهتمون بالثقافة السوننكية.
- و الغوص كثيرا في المشاكل الاجتماعية، و عزوف السوننكى عن المجال السياسي.
- فتح حوار مع أبناء الجاليات، وكذلك الطلاب الجامعيين.
- إسناد تنظيم المهرجان إلى مؤسسة احترافية بدل التنظيم الارتجالي.

مستجدات في المهرجان:
- تخصيص يوما للمرأة السوننكية.
- استحداث مسابقة في المهرجان. مبارة من أحد رجال الأعمال الموريتانيين و مقدار جوائزها تسعة ملايين أوقية قديمة، و ارتأة أن يبدأها بنسخة نواكشوط حيث وُزعت جوائزها على الفائزين في الحفل الختامي. و تشمل ثلاث مجالات:
الريادة الأعمال.
البحث العلمي و الابتكار.
الثقافة والفنون.
- إطلاق مبادرة من أجل إنشاء شبكة الصحفيين السوننكى.
- تعهد أحد رجال الأعمال بتمويل مشاريع للشباب.

المهرجان السوننكي الدولي فكرة جميلة يجب الحفاظ عليه، مع التحسينات المستمرة، و متابعة مخرجاته، و تقييم ما تم إنجازه، و محاولة جلب قدر كبير من المشاركين من مختلف المشارب و الاستماع إلى وجهات نظر المتحفظين، لأن هذا المهرجان هو أكبر تجمع للشعب السوننكي عبر العالم لمناقشة مشاكلهم، و وسيلة اتصال لشعب فرقته الحدود و الغربة، كما قال رئيس A.P.S الراحل جاج سمارى: " عندما تفرق الشعب السوننكي بعد سقوط مملكة غانا لم يجتمع مجددا إلا في فرنسا" و ها هو المهرجان السوننكي الدولي يجمعهم تحت سقف واحد في بلدانهم الأصلية، كما أن المهرجان قناة وصل بين الحاضر و المستقبل و بين الأجيال، و المتنفس الوحيد للعائلات تقريبا من ضغوطات الحياة و راتبة مددنا الضيقة.
ىابطز المقال على PDF
https://1drv.ms/b/s!AsYJY4EA5f45gR8JfQO0GT_hvIA3/من صفحة علي سيسى Sisse Aly