مجتمع السوننكى في موريتانيا

عرف المجال الموريتاني أجناسا وإثنيات مختلفة وعديدة، كان لها أثرها الكبير في التنمية الاجتماعية والثقافية والسياسية، ويعتبر مجتمع السوننيكيه أقدم هذه المجموعات؛ إذ هو قديم قدم الإنسان في جنوب الصحراء، ويحمل تسميات ومفاهيم مثل: (السرقولي، والسوننكيه، والمارگا)، وذلك بحسب الشعوب المساكنة لهم، فالبمبارا يطلقون عليهم (مارگا)، وفي أعالي نهر النيجر يطلق عليهم (جاخنك)، ويُطلق عليهم البيظان (آسوانك)، والولوف يطلقون عليهم (السيرقولي/السرخولي).

وهناك بعض التخمينات التي تربطهم بشعب البافور، الذي كان يسكن في جبال آدرار الموريتانية، منذ قرون سحيقة، وهي تبقى مجرّد تكهُّنات. ويمكن القول وبقدر من الثقة بأنهم كانوا يقطنون شمالي موريتانيا، في نواحي تيشيت - التي أسّسها قدماؤهم وأطلقوا عليها شيتو، كما كانوا مزارعين في هضبة تگانت والمناطق الرابطة بينها وبين آدرار - ويذهب بعض الباحثين إلى القول بأن ملوك امبراطورية غانه الإسلامية، ينتمون لشعب السوننيكيه، وعاصمتها (كومبي صالح/كومبي سيلا)، على بعد 65 كلم، جنوب مدينة تمبدغه، على طريق (بوسطيله)، وهناك أقوال أخرى لبعض المؤرّخين تقول إن مؤسّسيها من البربر الذين امتزجوا بقبائل السونينكيه، وهناك أيضا من يقول إنها تعود لشرفاء بني صالح، والأغلب على الظن أنهم من السودان، والأرجح أنهم المجموعات السونينكيه التي امتزجت مع البربر، وأنتجوا ثقافة محلّية تمثّلت في لغة آزير، وهي خليط من الصنهاجية والسونينكيه.

وقد شاركوا القبائل الصنهاجية في تأسيس الكثير من المداشر، والمناطق الموريتانية مثل: ولاته، وتيشيت، وكامور، وشنقيطي، ووادان، وأخيرا گيدي ماغا.

ويتشكّل المجتمع السوننيكيه من طبقات ومجموعات قبلية عديدة، تشمل (سيسى)، وقراهم اليوم، سيلبابي، وكنباضو، و حاسي شگار، والدافور. و(سُخنا)، وقراهم في سيلبابي، وچاگيلي، و(جابيرا وكيتا)، وقراهم في سيلبابي، وچاگيلي، و(گسما/گنديگا)، وقراهم في چاچبني، وهذه المجموعات أصولها في واگادوگو، وهي طبقة متديّنة، وأقدم القاطنين في گيدي ماغا، (سُماري)، ومن فروعهم (هادنكو، وكانيا)، وهم في شگار، ومنهم (كونغو)، وهم يسكنون في سابوسري. وهناك طبقات أخرى مثل (كمارا).

وينقسمون اجتماعيا إلى مجموعات عديدة، ولكل مجموعة مهمّتها، ويضمون الأشراف والساسة والدينيين والحرفيين وما إلى ذلك، ولكل قبيلة لقب يميّزها عن غيرها مثل (تنكاليمو)، وألقابها (سُماري، وجابيرا، وكنديكا، وكمارا، وتنجا). وهناك (مانكي)، وألقابها (توري، وجمانيرا، وكوريرا، وجگانه). وهناك (مودينو)، وألقابها (درامي، وسيسى، وساخو، ودكوري، وجخته)، وهناك (نياغا مالا)، وإلى غير ذلك.

وقد كان لقبائل السونيكيه شخصيات مرموقة كان لها الدور الكبير في مقاومة الاحتلال الفرنسي، مثل: فودي محمد لمين درامي، وفودي جاگيلي، وفودي إدريس درامي، وفودي آدم بري درامي، وفوديا بونا كويتا، وفودي علي اسما كبي، وفودي هدية انچاي، وفودي سيدي سولي سيسى، والحاج فودي سولي سيسى، وفودي عبد الله محمد سُخنا إلى غير ذلك من الشخصيات الكبيرة.

ويشكّلون اليوم مجتمعا محافظا متميّزا، وقد تأثروا من الاحتلال الفرنسي، الذي أحرق قراهم، وقتّل شيوخهم، وقسّم مناطقهم الجغرافية بين مالي وموريتانيا والسنغال، وما ذاك إلا لصلابتهم وتمسّكهم بقيمهم الدينية الأصيلة، وكانت لهم مساهماتهم في بناء الدولة الموريتانية الحديثة./ من صفحة المهدي ولد محي الدين